كيف تتواصل القطط مع أصحابها بطرق مختلفة؟
![]() |
طرق تواصل القط مع أصحابِها |
تُعدّ القطط من أكثر الحيوانات الأليفة المحببة لدى الإنسان،
وهي تحتل مكانة خاصة في قلوب ملايين الأشخاص حول العالم. رغم مظهرها الهادئ
وتصرفاتها المستقلة أحيانًا، إلا أن القطط كائنات عاطفية واجتماعية تعتمد على وسائل
تواصل متعددة ومعقّدة للتعبير عن مشاعرها واحتياجاتها تجاه أصحابها. وقد يبدو
سلوكها غامضًا في بعض الأحيان، إلا أن فهم إشاراتها وسلوكياتها اليومية يساعد بشكل
كبير في بناء علاقة قوية ومبنية على الثقة بين القط والإنسان.
تمتلك القطط قدرة فريدة على التواصل باستخدام لغة الجسد، الأصوات، نظرات العيون، وحتى اللمس. كما أن لكل قطة أسلوبًا
خاصًا في التعبير يتأثر بعوامل مثل شخصيتها، عمرها، تجربتها السابقة، ودرجة
الارتباط بصاحبها. هذا التواصل لا يقتصر على طلب الطعام أو اللعب، بل يمتد ليشمل
تعبيرات عن الحب، القلق، الراحة، وحتى التحذير من خطر محتمل.
في هذا المقال المفصّل، سنتناول الطرق المختلفة التي تستخدمها
القطط للتواصل مع أصحابها، بدءًا من المواء بأنواعه المختلفة، ومرورًا بحركات
الذيل، وتعبيرات الوجه، وصولًا إلى لمس الإنسان أو التمدد بجانبه. كما سنقدم أمثلة
واقعية ونصائح لفهم هذه الإشارات بشكل أفضل، مما يساعد على تلبية احتياجات القط
وتحقيق حياة متناغمة وسعيدة لكلا الطرفين.
إذا كنت من محبي القطط أو تفكر في تبنّي واحدة، فإن فهمك لطرق تواصلها سيُحدث فرقًا كبيرًا في طريقة تفاعلك معها، ويعزز من رفاهيتها النفسية والجسدية. تابع القراءة لاكتشاف الأسرار الرائعة وراء سلوكيات القطط اليومية، وكيف يمكنك أن تصبح أكثر قربًا من هذا المخلوق الرائع والغامض في آنٍ واحد.
1. الأصوات التي تصدرها القطط
المواء: لغة القطط الصوتية للتواصل مع
البشر
يُعتبر المواء
من أبرز وأشهر الوسائل التي تستخدمها القطط للتواصل مع البشر. وعلى الرغم من أن
بعض الناس يظنون أن المواء مجرد صوت عشوائي، فإن الحقيقة هي أن هذا الصوت يحمل رسائل متنوعة ومحددة، تختلف باختلاف
نغمة الصوت، مدته، وتكراره.
على سبيل
المثال، قد تستخدم القطة مواءً خفيفًا
وقصيرًا عندما ترى صاحبها للدلالة على الترحيب والسعادة بقدومه،
بينما تتحول إلى مواء طويل ومتكرر
عندما تشعر بالجوع أو تحتاج إلى لفت الانتباه لأمر مهم، مثل نقص الطعام أو
الرغبة في الخروج.
تُظهر الدراسات أن القطط طوّرت هذا السلوك الصوتي خصيصًا
للتواصل مع البشر، حيث نادرًا ما تستخدم المواء فيما بينها كبالغات. فالمواء يُعدّ
نوعًا من "الحوار" الذي تصنعه القطة مع الإنسان، مما يُبرز ذكاءها
الاجتماعي وقدرتها على فهم طبيعة العلاقة مع البشر. ولذلك، من المهم لصاحب القطة
أن ينتبه لتغيّرات نغمة المواء وسياقها الزمني والمكاني، ليتمكن من فهم احتياجات قطته والاستجابة لها بشكل صحيح.
باختصار، فإن المواء ليس مجرد صوت، بل هو وسيلة تعبير قوية تمكّن القطة
من بناء علاقة واضحة ومتينة مع من يعتني بها، ويُعدّ فهم هذه اللغة الصوتية خطوة أساسية نحو تعزيز العلاقة بين القطة وصاحبها.
الخرخرة
الخرخرة هي أحد الأصوات المميزة التي تصدرها القطط، وتعتبر من
أكثر الأصوات التي تثير اهتمام محبي الحيوانات. تكون الخرخرة غالبًا علامة على
الراحة والاطمئنان، إذ تقوم القطط بإصدارها عندما تشعر بالسعادة والراحة، مثلما
يحدث عندما يتم تدليكها أو أثناء الاسترخاء في بيئة مألوفة. ومع ذلك، لا تقتصر
الخرخرة على هذه الحالات الإيجابية فقط؛ في بعض الأحيان قد تصدر القطط هذه الأصوات
عندما تشعر بالقلق أو الألم. على سبيل المثال، قد تكون القطط في حالة خرخرة أثناء
زيارتها للطبيب البيطري أو إذا كانت تشعر بالتوتر. لذا، يجب أن تكون الخرخرة جزءًا
من مجموعة إشارات تُساعد في فهم الحالة العاطفية للقط. دراسة هذه الأصوات وسياقاتها
يمكن أن تساعد في التواصل بشكل أفضل مع القطط وتقديم الرعاية المناسبة لها.
الهسهسة والزمجرة
الهسهسة والزمجرة هما أصوات تصدرها القطط في حالات الخوف أو التهديد. تعتبر الهسهسة بمثابة تحذير قوي من القطط، حيث يقومون بإصدار هذا الصوت عندما يشعرون بالخطر أو عندما يرون شيئًا يسبب لهم القلق. يكون الصوت غالبًا ناعمًا ويشبه همسات قصيرة، ويهدف إلى إخافة المعتدي المحتمل أو تحذيره من الاقتراب أكثر. أما الزمجرة فهي صوت أكثر قوة وعنفًا، وتستخدمه القطط للدفاع عن نفسها عندما تشعر بتهديد أكبر أو حينما تكون في وضعية قتالية. قد تصدر الزمجرة مع تغيرات واضحة في لغة الجسد، مثل تمدد الأذنين إلى الوراء أو وضع الذيل منتصبًا. في الحالتين، تشير هذه الأصوات إلى أن القط يشعر بعدم الراحة ويحتاج إلى المسافة والهدوء للحفاظ على شعوره بالأمان.
2. حركات الجسد
حركة الذيل
حركة الذيل تعد واحدة من أهم وسائل التواصل غير اللفظي لدى
القطط، حيث تعكس حالتها العاطفية وتساعد في فهم مزاجها. عندما يكون الذيل منتصبًا
ومستقيمًا، فهذا عادة ما يشير إلى أن القطة في حالة سعادة أو ودية. قد تكون هذه
القطة في حالة استرخاء أو متفائلة، ويعتبر هذا الموقف علامة على الثقة والراحة.
أما إذا كان الذيل يهتز أو يتحرك بسرعة من جانب إلى آخر، فقد يشير ذلك إلى انزعاج
القطة أو توترها. في هذه الحالة، غالبًا ما تكون القطة في حالة تأهب أو قد تشعر
بالتهديد، وتعتبر الحركة السريعة للذيل بمثابة تحذير من الاقتراب. إذا كان الذيل منخفضًا
أو مائلًا إلى الأسفل، فقد يكون ذلك دلالة على خوف أو قلق. بشكل عام، حركة الذيل
هي أداة قوية لفهم مشاعر القطة وتحديد مدى راحتها أو توترها في المواقف المختلفة.
الأذنان
وضعية الأذنين تعد من أبرز إشارات لغة الجسد لدى القطط، حيث
تعكس مشاعرها وتفاعلاتها في مختلف المواقف. عندما تكون الأذنان موجهتين للأمام،
فإن ذلك يدل على أن القطة فضولية أو مرتاحة. في هذه الحالة، تكون القطة في وضع
استكشافي، فهي تنظر بعناية وتستمع لما حولها، مما يشير إلى شعور بالاطمئنان
والراحة. أما إذا كانت الأذنان مسطحتين للخلف، فهذا غالبًا ما يكون علامة على خوف
أو غضب. في هذه الحالة، قد تكون القطة تشعر بتهديد أو انزعاج من شيء ما، وتحاول
إظهار نفسها كحيوان دفاعي أو متوتر. عندما تكون الأذنان مسطحتين، قد تكون القطة
على استعداد للهجوم إذا استمر التهديد، أو أنها تسعى للهروب من الوضع الذي يسبب لها
القلق. وبالتالي، تساعد الأذنان في فهم الحالة العاطفية للقطة وتوجيه سلوكنا في
التعامل معها.
العيون
العيون تعد من الأدوات المهمة التي تستخدمها القطط للتعبير عن
مشاعرها وتفاعلاتها مع البيئة المحيطة. عندما تحدق القطة ببطء في شيء أو شخص ما،
فهذا يُعتبر علامة على الثقة والراحة. هذه الحركة، التي تُسمى "التحديق
البطيء"، تدل على أن القطة لا تشعر بأي تهديد وتُظهر تطمينًا للمحيط. في
العديد من الأحيان، يعتقد الخبراء أن القطط التي تحدق ببطء تشير إلى رغبتها في
الاسترخاء والتواصل بشكل إيجابي مع محيطها.
أما إذا كانت عيون القطة تتسع بشكل مفاجئ (زيادة في اتساع
البؤبؤ)، فهذا يمكن أن يكون مؤشرًا على شعور القطة بالخوف أو التوتر، أو استعدادها
للهجوم. في هذه الحالات، قد تشعر القطة بتهديد من شيء ما وتستعد للفرار أو الدفاع
عن نفسها. كما أن اتساع البؤبؤ قد يحدث أيضًا في حالات الإثارة أو الفضول الشديد،
عندما تلاحظ القطة شيئًا مثيرًا. لذا، تعد العيون وسيلة فعالة لقراءة الحالة
العاطفية للقطة والتفاعل معها بشكل مناسب.
3. اللمس والجسم
فرك الرأس
فرك رأس القطة أو خدها بك هو سلوك يعبر عن مشاعر الحب
والارتباط، ويعد إحدى طرق التواصل التي تستخدمها القطط مع أصحابها. عندما تقوم
القطة بفرك رأسها أو خدها بك، فإنها لا تعبر فقط عن مشاعرها الإيجابية تجاهك، بل
أيضًا تدل على أن القطة تعتبرك جزءًا من "محيطها" الشخصي. هذا الفعل
يعود إلى غدد العطور الموجودة في منطقة الرأس، التي تفرز رائحة خاصة تُستخدم لتحديد
المنطقة الخاصة بالقطة وإشارة إلى ملكيتها.
بالفرك، تترك القطة رائحتها عليك، مما يجعلها تشعر بالارتياح
والأمان، فهي تُعتبرك جزءًا من دائرتها الخاصة. قد يكون هذا التصرف أيضًا نوعًا من
طلب التواصل أو التودد، حيث تعبر القطة عن رغبتها في التفاعل معك بشكل ودّي. لذا،
فإن هذا السلوك يعد علامة على أن القطة تشعر بالحب والراحة معك، وتعتبرك فردًا
مهمًا في حياتها.
العجن بالمخالب
العجن بالمخالب هو سلوك طبيعي تقوم به القطط، خاصة عندما تشعر
بالراحة والاطمئنان. يعود هذا الفعل إلى مرحلة الطفولة، حيث كانت القطة تعجن برؤوس
مخالبها على بطن أمها أثناء الرضاعة. في تلك الفترة، كان العجن يساعد في تحفيز
تدفق الحليب ويمنح القطة شعورًا بالأمان والراحة. عندما تعجن القطة بمخالبها في
مرحلة البلوغ، فإنها عادة ما تكون في حالة استرخاء أو سعادة، وتستعيد بذلك
ذكرياتها من تلك المرحلة الطفولية المريحة.
هذا السلوك يعكس شعور القطة بالرضا والراحة، سواء كانت في حضنك
أو في مكان مريح آخر. قد يعجن القط أثناء الاسترخاء على سريرك أو بينما تتلقى
تدليكًا أو عناية من شخص ما. على الرغم من أن العجن بالمخالب قد يكون مزعجًا
أحيانًا لأصحاب القطط بسبب الأظافر الحادة، إلا أنه يُعتبر علامة على أن القطة
تشعر بالحب والطمأنينة.
الجلوس في الحضن
الجلوس في حضنك أو قربك هو أحد السلوكيات التي تعكس مدى الثقة
والراحة التي تشعر بها القطة تجاهك. عندما تختار القطة الجلوس في حضنك أو تقضي
وقتًا قريبًا منك، فإنها تظهر لك أنها تشعر بالأمان والطمأنينة في وجودك. هذا
السلوك يعبر عن علاقة قوية بين القطة وصاحبها، حيث أن القطط عادةً ما تفضل أن تكون
في بيئة آمنة ومريحة.
قد تكون هذه اللحظات دليلاً على أن القطة تشعر بالراحة الكاملة
معك، وتعتبرك مصدرًا للحماية والدعم. الجلوس في حضنك ليس مجرد تصرف عابر؛ فهو يمثل
رغبة في التفاعل الاجتماعي والشعور بالتواصل العاطفي. لذا، إذا اختارت القطة أن
تكون بالقرب منك بهذا الشكل، فهذا يعني أنها تثق بك وتشعر بأنك المكان الأكثر
أمانًا بالنسبة لها.
4. السلوك اليومي
تقديم الهدايا
قد تقوم القطة بجلب هدايا مثل الطيور أو الفئران الصغيرة إلى
أصحابها، وهو سلوك يرتبط بغرائزها الطبيعية في الصيد. في البرية، تقوم القطط بصيد
الفريسة لإطعام صغارها أو نفسها، وعندما تقدم القطة هدية لصاحبها، فهي تعبر عن
تقديرها واعتبارك جزءًا من "عائلتها". تعتبر هذه الهدايا تعبيرًا عن
الحب والرغبة في مشاركة نجاحها في الصيد مع من تثق بهم. على الرغم من أن هذا
السلوك قد يبدو غريبًا لبعض الأشخاص، إلا أنه يوضح الرابطة العاطفية بين القطة
وأفراد منزلها.
حفر التراب
عندما تقوم القطة بحفر التراب بعد استخدام صندوق الفضلات، فإنها
تعبر عن رغبتها في الحفاظ على نظافتها الشخصية. هذه العادة تعود إلى غرائزها
الطبيعية، حيث أن القطط في البرية تحاول إخفاء مخلفاتها للابتعاد عن جذب الحيوانات
المفترسة أو منافسة الحيوانات الأخرى. يعتبر هذا السلوك جزءًا من حاجة القطة
للتأكيد على نظافتها والعيش في بيئة مريحة وآمنة. حفر التراب بعد استخدام صندوق
الفضلات هو وسيلة فطرية لتغطية المخلفات، ويعكس سلوكها الغريزي الذي يساعدها في
الحفاظ على أمانها في البرية.
5. التفاعل مع البيئة
استكشاف المحيط
القطط كائنات فضولية للغاية، وتحب استكشاف محيطها وتفحص الأماكن
الجديدة. عند شعورها بالأمان، تقضي القطة وقتًا طويلاً في استكشاف البيئة المحيطة
بها، سواء كانت في المنزل أو في الخارج. هذا السلوك يعكس غريزتها الطبيعية في
البحث عن مصادر الطعام، الأماكن الآمنة، والظروف المحيطية التي قد تؤثر في راحتها.
استكشاف المحيط يسمح للقطة بأن تتعرف على التفاصيل المحيطة بها، مثل المكان المريح
للراحة أو مكان اللعب المفضل. إذا كانت القطة تشعر بالأمان في مكان معين، فإنها قد
تستغرق وقتًا أطول في التفحص والتفاعل مع البيئة المحيطة، مما يعزز علاقتها
بمحيطها.
اللعب
اللعب يعد جزءًا أساسيًا من حياة القطة ووسيلة مهمة للتواصل مع أصحابها. الألعاب التي تتضمن المطاردة أو القفز ليست فقط ممتعة، بل تعكس أيضًا غرائز القطة الطبيعية. هذه الألعاب تسمح للقطة بالتعبير عن احتياجاتها الفطرية مثل الصيد، التفاعل الاجتماعي، والحركة البدنية. من خلال اللعب، يمكن للقطط أيضًا بناء روابط أقوى مع أصحابها، إذ يُعتبر وقت اللعب فرصة للتفاعل والتقارب. القطط التي تشارك في الألعاب تظهر استجابة لمتطلبات بيئتها، كما أن اللعب يساعدها في الحفاظ على لياقتها البدنية والعقلية.
خاتمة
في نهاية هذا المقال، يتضح لنا أن القطط ليست مجرد
كائنات صامتة أو غامضة كما يعتقد البعض، بل إنها تتمتع بقدرة مذهلة على التعبير
والتواصل مع أصحابها من خلال وسائل متعددة تشمل الأصوات، لغة الجسد، نظرات العيون،
وحتى التصرفات السلوكية الدقيقة. كل حركة تقوم بها القطة، سواء كانت
رفّة ذيل أو مواء مميز، تحمل رسالة معينة، وإذا أُحسن فهمها، فإنها تُشكّل جسرًا
من التواصل العميق بين الإنسان وحيوانه الأليف.
إنّ إدراكك لهذه الطرق المختلفة التي تستخدمها قطتك في
التواصل، لا يساعد فقط في تلبية احتياجاتها اليومية مثل الجوع أو الراحة أو اللعب،
بل يعزز أيضًا من العلاقة العاطفية التي تجمعكما، ويجعل الحياة المشتركة أكثر
انسجامًا وتفهّمًا. فالتفاعل الإيجابي مع قطتك يمنحها شعورًا بالأمان والانتماء،
ويُقلل من احتمالية ظهور سلوكيات غير مرغوب فيها ناتجة عن الإهمال أو سوء الفهم.
ولذلك، إذا كنت تسعى لتقوية علاقتك بقطتك، فابدأ
بالاهتمام بإشاراتها البسيطة، وتعلّم كيف تُفسّر تصرفاتها اليومية، وكن دائمًا
حريصًا على توفير بيئة آمنة وداعمة لها. تذكّر أن القطة التي تشعر بأنها مسموعة
ومفهومة ستكون أكثر سعادة، وستُظهر لك حبّها وامتنانها بطرق قد لا تتوقعها.
في النهاية، تذكّر أن فهم لغة القطط هو مفتاحٌ لحياة
مليئة بالمودة والثقة، وأن كل قطة لديها لغتها الخاصة التي تنتظر منك أن تُتقنها،
لتبدأ بينكما رحلة تواصل فريدة لا تُنسى.